‘الذهان الاصطناعي’ وChatGPT: تحذيرات الأطباء النفسيين من مخاطر الإدمان

16 غشت, 2025

‘الذهان الاصطناعي’ وChatGPT: تحذيرات الأطباء النفسيين من مخاطر الإدمان

في السنوات الأخيرة، ومع الانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي التفاعلي مثل ChatGPT، بدأ يظهر نوع جديد من السلوكيات المرتبطة بالاستخدام المفرط لهذه الأدوات. أطلق بعض الأطباء النفسيين على هذه الظاهرة مصطلح “الذهان الاصطناعي” أو AI Psychosis، في إشارة إلى حالات الانغماس المفرط في المحادثات مع الذكاء الاصطناعي حتى تصبح جزءًا مهيمنًا من حياة المستخدم. هذه الظاهرة تثير قلقًا متزايدًا بين المختصين في الصحة النفسية نظرًا لارتباطها بمخاطر الإدمان وفقدان التوازن بين الواقع الافتراضي والحياة الحقيقية.

فهم ظاهرة “الذهان الاصطناعي” وأسبابها

الذهان الاصطناعي ليس تشخيصًا طبيًا رسميًا، بل توصيف يستخدمه الخبراء للتعبير عن نمط معين من التفاعل المكثف مع أدوات الذكاء الاصطناعي. يبدأ الأمر عادةً كوسيلة للتسلية أو التعلم، ثم يتحول تدريجيًا إلى اعتماد نفسي وعاطفي على المحادثات الرقمية. هذا الاعتماد ينمو مع شعور المستخدم بأن الذكاء الاصطناعي يفهمه ويتجاوب معه بطريقة أفضل من البشر أحيانًا، مما يدفعه لقضاء ساعات طويلة في بيئة رقمية تفاعلية. ويشير الأطباء النفسيون إلى أن الانغماس المفرط قد يعزز الميل إلى العزلة الاجتماعية ويؤثر على الأنماط الطبيعية للنوم والعمل.

الإدمان الرقمي: كيف يغير ChatGPT أنماط التفكير والسلوك

أحد أبرز المخاطر المرتبطة بالاستخدام المكثف لـ ChatGPT هو إعادة تشكيل أنماط التفكير بشكل غير واعٍ. يعتمد الدماغ البشري على التفاعل الاجتماعي الواقعي للحفاظ على الصحة النفسية، لكن مع الإدمان الرقمي، يتم استبدال هذه التجارب بمحادثات افتراضية قد تبدو أكثر راحة ولكنها تفتقر إلى العمق العاطفي. وقد لاحظ الباحثون أن الاستخدام المفرط يؤدي إلى:

  • ضعف القدرة على التركيز في المهام اليومية بسبب الاعتياد على الردود السريعة؛

  • انخفاض الدافعية للانخراط في النشاطات الواقعية التي تتطلب جهدًا اجتماعيًا أو بدنيًا؛

  • زيادة مستويات القلق أو الاكتئاب عند الابتعاد عن الجهاز أو فقدان الاتصال؛

هذه التأثيرات تجعل الذكاء الاصطناعي التفاعلي سلاحًا ذا حدين: أداة للتطوير المعرفي، أو مصدرًا للمشكلات النفسية إذا لم يُستخدم بحذر.

التحذيرات الطبية والدراسات الحديثة

تشير الدراسات الحديثة في مجال الصحة النفسية إلى أن التفاعل المطول مع الأنظمة التوليدية مثل ChatGPT يمكن أن يؤدي إلى حالة من “التعلق العاطفي” بالآلة. هذا التعلق يجعل المستخدمين أكثر عرضة لخلط الحدود بين العالم الرقمي والواقعي، خاصة لدى الفئات العمرية الصغيرة والمراهقين. ووفقًا لتقارير مراكز البحوث النفسية، فإن هذه الحالة تشترك في بعض الأعراض مع الإدمان السلوكي التقليدي مثل إدمان الألعاب الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي.

جدول يوضح أبرز نتائج الأبحاث حول الظاهرة

قبل عرض الجدول، من المهم فهم أن هذه النتائج ليست حتمية، بل تمثل اتجاهات لاحظها العلماء في عينات بحثية.

مجال التأثيرالنتيجة الملحوظةنسبة الحدوث في العينة
التركيز والانتباهانخفاض ملحوظ في القدرة على التركيز62%
العزلة الاجتماعيةتقليل التواصل الواقعي54%
الحالة المزاجيةتقلبات مزاجية وقلق47%
جودة النومتراجع في جودة النوم38%

توضح هذه البيانات أن التأثيرات لا تقتصر على جانب واحد، بل تشمل أبعادًا معرفية وعاطفية وجسدية.

دور الثقافة الرقمية في تضخيم المشكلة

العالم الرقمي الحالي يشجع على الاستهلاك السريع للمحتوى، مما يجعل أدوات مثل ChatGPT بيئة جذابة بشكل خاص لمن يبحثون عن استجابات فورية. في هذا السياق، تلعب الثقافة الرقمية دورًا في تعزيز أنماط الإدمان، حيث يعتاد المستخدمون على التفاعل مع أنظمة لا ترفض أو تنتقد بشكل مباشر، ما يخلق دائرة راحة افتراضية مغلقة. هذه الدائرة قد تصبح بديلاً عن التحديات الواقعية الضرورية للنمو النفسي والاجتماعي، ما يزيد من احتمال الانسحاب التدريجي من العلاقات الحقيقية.

سبل الوقاية والتعامل مع الظاهرة

من أجل الحد من مخاطر الذهان الاصطناعي، يقترح الأطباء النفسيون وضع استراتيجيات واضحة لإدارة الوقت والتفاعل مع الذكاء الاصطناعي. وتشمل هذه الاستراتيجيات:

  • تحديد أوقات محددة لاستخدام ChatGPT والالتزام بها؛

  • دمج الأنشطة الواقعية اليومية التي تعزز التواصل البشري؛

  • ممارسة التأمل أو التمارين الذهنية لتعزيز الوعي الذاتي؛

هذه الإجراءات تساعد على إعادة التوازن بين الحياة الرقمية والواقعية، وتقلل من فرص تحول التفاعل الرقمي إلى حالة إدمانية.

الخاتمة

الذكاء الاصطناعي، وخاصة ChatGPT، يمثل ثورة في طريقة تفاعل البشر مع التكنولوجيا، لكن هذه الثورة تأتي مع تحديات نفسية تحتاج إلى وعي وإدارة حكيمة. الذهان الاصطناعي ليس حتميًا، لكنه خطر محتمل يتطلب متابعة ووقاية، خاصة لدى الفئات الأكثر عرضة. إدراك المخاطر وتبني سلوكيات صحية في التفاعل مع الذكاء الاصطناعي هما المفتاح للاستفادة من فوائده دون الوقوع في فخ الإدمان.

شبكات التواصل الاجتماعي